القران ليس شماعة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
القرآن كلام الله الذي ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )) سورة فصلت 42
وهو كتاب معجز بلغته وبلاغته ونظمه ، مع ما يذكر من المغيبات ومن الكونيات التي ما عرفت في صدر الرسالة .
وقد تحدى القرآن فصحاء العرب وبلغائهم على أن يأتوا بمثله أو بسورة منه ... فعجزوا وهم أهل الفصاحة والبلاغة ، قال تعالى : (( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله )) سورة البقرة 23 .
وقد أوكل الله تبين كتابه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه : (( وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزِّل اليهم )) سورة النحل 44 .
ومن ثم العلماء قال تعالى : (( ولو ردوه الى الر سول والى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )) سورة النساء 83
فلا يحق لأحد أن يتكلم في تفسير القرآن ما لم يعرف العربية بفنونها الثلاثة عشر من نحو ،وصرف، وبيان، وبديع، ومعاني، ووضع، وغير ذلك .
ثم يعرف علم أصول الفقه وما فيه من عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ وغير ذلك .
ويعرف التفسير بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين .
وذلك ؛ لان القرآن حمال ذو وجوه كما قال سيدنا علي عليه الرضوان والسلام
وقد مرَّ رضوان الله عليه على مسجد في البصرة وفيه رجل يجتمع عليه الناس ليحدثهم ، فسأله رضي الله عنه هل تعرف الناسخ والمنسوخ ، فقال الرجل : لا، قال: هلكت وأهلكت .
ولغة العرب فيها المشترك اللفظي والمعنوي ، وأسماء الاضداد وغير ذلك ...
لذلك وضع العلماء اثنا عشر شرطا يجب توفرها فيمن يريد تفسير القرآن الكريم .
ومن خاض في تفسير القرآن بغير علم وقع فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( ومن قال في القرآن برأيه ) أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح
قال المناوي : ( أي من شرع في التفسير من غير أن يكون له خبرة بلغة العرب ووجوه استعمالاتها في نحو حقيقة ومجاز ومجمل ومفصل وعام وخاص وغير ذلك من علوم القرآن ومتعلقات التفسير وقوانين التأويل ( فليتبوأ مقعده من النار ) المعدة في الآخرة لأنه وإن طابق المراد بالآية فقد ارتكب أمرا فظيعا واقتحم هولا شنيعا حيث أقدم على كلام رب العالمين بغير العالمين بغير إذن الشارع ومن تكلم فيه بغير إذنه فقد أخطأ وإن أصاب قال الغزالي : ومن الطامات صرف ألفاظ الشارع عن ظاهرها إلى أمور لم يسبق منها إلى الأفهام كدأب الباطنية فإن الصرف عن مقتضى ظواهرها من غير اعتصام فيه بالنقل عن الشارع وبغير ضرورة تدعو إليه من دليل عقلي حرام ) انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير 1 / 172 .
فمن فسر القرآن على خلاف لغة العرب فقد كذب على الله .
وقد وجدنا في هذه الحقبة الزمنية التي نعيشها اليوم بعض مدعي العلم الذين اتخذوا من القرآن شماعة يعلقون عليه أغراضهم ومآربهم ..... فظهرت بدعة تفسير القرآن بما يسمى بأسرار الحروف والارقام ..
ولا يخفى عليكم ما بث بين الناس بعد حاثة 11 سبتمبر
حيث وزعت على الناس عبارات تقول أن هذا موجود في القرآن تشير اليه آية من سورة التوبة ولفظها (( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين )) سورة التوبة 109 ..... فجعل الناس يرددون هذه العبارات وتناسوا أنه مخطط يهودي أمريكي .. لتلصق التهمة بالاسلام وتكون ذريعة لهم لأحتلال بلاد المسلمين .
أيها السادة سقطت بنايتان في أمريكا وعلى أثرها سقطت دولتان : العراق وافغانستان ... ونحن نقول هذا في القرآن في سورة التوبة ....
بينما تجد الموظفين اليهود غادروا البناية بأجمعهم قبل وقوع الحادث .... أيها العرب أفيقوا ..
وكذلك في حرب الخليج الاولى ودخول الجيش العراقي الكويت كانت توزع على الخطباء وعلى عموم الناس عبارات يزعمون أنها من كتاب الجفر للامام علي ومن كتاب الفتوحات لأبن عربي ومضمونها ( يجتمع الروم والبرابرة ومعهم المصريون على رجل اسمه صادم فيبيدهم ويكون ذلك بين جمادي ورجب وترون فيه العجب )) يقينا وزعتها الموساة اليهودية لتزج بالعراقيين الى محرقة كان نهايتها ما ترونه اليوم .
واليوم نجد البعض يريد أن يثبت أن الامامة وصاية وأن الائمة اثنا عشر مستدلا على ذلك بانه ورد لفظ امام في القرآن اثنا عشر مرة وهذا يدل على صحة ما يذهب اليه الشيعة .
ولو سلمنا جدلا توافق العدد مع عدد الائمة ... فلا دليل في ذلك لان كل آية تشير الى معنى فأين الربط ؟
أضف لذلك على سبيل المثال جاء في القرآن ذكر مادة (نبي ) 12 مرة فهل يعني أن عدد الانبياء 12 نبي ؟
وكذلك مادة (رسول ) 183 مرة فهل يعني أن عدد الرسل 183 ؟ وعدد الانبياء يفوق هذا العدد .
هذا تلا عب بآيات القرآن وبديننا .....
ثم هؤلاء الائمة من علي وحسن وحسين وزين العابدين والباقر والصادق والكاظم ....... كل هؤلاء لم يتوصلوا الى هذا التفسير حتى يأتي هذا المتنطع ليصل الى ما لم يصلوا اليه !!!!!